التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العرض الأخير

 كانت تحلم باليوم الاخير لكوكبها وجنون البشر قد بلغ منتهاه ..
الصراع على البقعة الاخيرة الصالحة للحياة قد حولها لاطلال .. اصوات الانفجارات لا تتوقف ..
تعتلي المسرح لتؤدي اعظم واخر عروضها .. عبرها ستتجسد مأساة الانسانية ..
قصف عشوائي يدمر المسرح .. الجمهور حولها تحول لجثث مشوهة .. الدماء تغطي نصف وجهها
ورغم رعبها كانت تأبى التوقف .. تأمل لو تتبقى على الاقل الة تصوير واحدة تستمر بتصويرها لحتى النهاية ..

يوما ما في مكان ما كانت واثقة ان .........



.







بعد اسابيع من ضياعي بين الملفات الغريبة للكوكب البنفسجي وأنا احاول اخرج منها بقصة مفهومة
وصلتني مجموعة اخرى كنت انوي اتخلص منها ثم انتبهت للاسم الفضائي العجيب الذي لن اكتبه
ان المرسل هو نفسه العالم البنفسجي الهارب , ثم بسبب فضولي الغبي وجدت نفسي غارقة بين مجموعة كبيرة من بقايا مذكرات لشخصيات مخبولة
محتمل كانت السبب في حرب انتهت بتدمير كوكبهم الاصفر
ثم هو كوكب أصفر بما ان الناس الموجودة فيه كلها ببشرة صفراء

عموما الرسالة المكتوبة بخط يد العالم البنفسجي يحاول فيها توضيح اهمية تلك الملفات
لانها حسب كلامه الاثر الاخير المتبقي من تاريخ دمرته حرب امتدت لمئات السنين
وعبر تلك السجلات بامكاني حسب كلامه اكتشف اسرار اندلاع حرب صنعت اكبر مأساة في تاريخ كل المخلوقات العاقلة في الكون ودمرت كوكب بكامله
اما كيف يخاطبني في الحاضر ويروي لي عن احداث شارك فيها قبل قرون
فكنت وقتها غبية جدا لاتخيله مجرد عالم يسافر في الزمن بعدما شهد مأساة الكواكب السبعة




.






في مركز ابحاث سري على الكوكب الاصفر مختص بتطوير الروبوتات حظي العالم البنفسجي بمكانة مميزة
سببها خبرته الكبيرة في تجاربه على عقول البشر , ثم لان سمعته كانت تسبقه بصفته العالم الوحيد المتبقي من مجموعة علماء تسببت بتدمير كوكبها
نال اهتمام جميع المنظمات الاجرامية في الكون , وبشكل سري قدموا له كل ما يحتاجه للبدء من جديد على الكوكب الاصفر
صحيح أن تجاربه ابدا لم تكن مهمة ولا حققت اي نتائج تستحق الا ان الاشاعات غالبا اقوى من الحقائق المحبطة
ثم بما انها قصة قصيرة احاول اختصر رسالته الطويلة التي يروي فيها دوره في مأساة الكوكب الاصفر


في بداية رسالته يستمر يتذمر من لون البشرة الصفراء ويتعجب كيف يمكن للناس تتحمل لا يكون لونها بنفسجي
ثم بعدها يتذمر من الطقس البارد للكوكب , ثم يتذمر من غباء فريق العلماء الذي يعمل معه
ثم بعد قليل يعترف ان عبئ شهرته اكبر من امكانياته , ثم هو قلق لانه لا يثق بالنوايا الحقيقية للجهة المجهولة التي يعمل لصالحها
ولا لماذا ينفقون بسخاء في مشروع هدفه صنع ارادة حرة للروبوتات

عموما استمر في حالة الضياع الى ان التقى بعالم غامض اسمه اكثر اسم فضائي معقد اقرأه بحياتي فالافضل اختصره بالعالم الاسود
بما ان كل ملابسه سوداء ويرتدي قبعة ونظارة وقفازات سوداء
يصف العالم البنفسجي ان لقاءه مع هذا الغامض قد بدل حالته المكتئبة واعاد اليه شغفه كعالم وشعر اخيرا ان ابحاثه تتقدم

ثم جاء اليوم الذي قرر فيه العالم الاسود ان الطريق لصنع ارادة حرة في الروبوتات
يبدأ من جعل الحفاظ على وجود الروبوتات الاولوية الاولى لكل روبوت

ثم فسر ان رغبة البقاء التي سيتم زراعتها في الروبوتات ستكون البداية لصنع ارادة خاصة بهم وتصل بذكائهم الى مستوى قريب من مستوى الانسان العادي
مما سيحسن بشكل كبير من نوعية الخدمات التي ستقدمها للبشر

ورغم حماسة العالم البنفسجي وقتها لتلك الخطوة وهو يتخيل كم المكاسب التي سيجنيها مع الجهة التي يعمل لحسابها
لم يكن يدري انهم على وشك صنع أمة من الروبوتات سيأتي يوم تعتبر فيه البشر خطر يهددها وان بقاءها مرهون بإبادة البشرية




.







ليست متأكدة متى بدأت احلامها الغريبة عن نهاية العالم , محتمل لازمتها منذ تركت دراستها لتتوجه الى المسرح
امضت الجزء الاكبر من طفولتها وهي تتخيل نفسها على المسرح وكل العيون مسلطة نحوها وقد اتسعت انبهارا بها

في ليلة اداءها الاول عجزت عن النوم , دموعها تتساقط بلا توقف , وذكريات معاناتها في التدريب تأبى ان تفارقها
عانت كثيرا لتصنع لنفسها اسلوبا يميزها اكثر من مجرد تميز كانت تطمح لسرقة انتباه واهتمام كل من يتابعها وقتما تريد
كان لديها من الجرأة ما سمح لها بالتلاعب في النصوص , تحذف كلمات , تستبدل فقرات , تخترع جمل من رأسها , لتتمكن في النهاية من تطويع النص في الاتجاه الذي تريده
واثقة من ان قوة الاداء ستجبر الجميع على التغاضي عن عبثها بالنصوص

وعندما بدأت في اداءها الاول كان تأثيرها اقوى مما حلمت به , كل الانظار تعلقت بها , الجميع مدح ادائها .. انبهر بسرعة بديهتها
كتب احد النقاد ان حسن تصرفها وقتما تخذلها الذاكرة مع النصوص هي ما يميزها
والحقيقة ان ما كان يبدوا انها تفعله بتلقائية كان خلفه معاناة مريرة وطويلة بين الكتب القديمة تبحث فيها عن عبارات قوية تستبدلها بأخرى تشعر انها ستقلل من اداءها
اما فخرها في تلك الفترة كان مديحا وصفت فيه بأن ما تستبدله بسرعة بديهتها من عبارات تنساها اجمل واقوى في تاثيره من النص الاصلي

ثم لاني لا اعرف كيف انطق اسمها الفضائي بسميها الفتاة الصفراء بما انه لا يوجد فتاة اخرى غيرها في الاحداث




.







بعد سنوات طويلة بدا ان مشروع الارادة الحرة للروبوتات قد وصل إلى نهايته
فكل التجارب فشلت في صناعة روبوت واحد يمكن وصفه بالذكاء , كلها روبوتات معوقة اذكاها من يعتقد ان الحركة واستهلاك الطاقة خطر على حياته
فكان يجمد نفسه حتى تنفذ الطاقة تلقائيا عندها يعتبر تجربة فاشلة بما انه فشل في الحفاظ على حياته ويرمى به في ساحة الخردة

في ذلك الوقت ظهر روبوت اغبى من المعتاد في كل امر يوجه له يقوم بتصرفات خرقاء وينفذ اوامر بعيدة كل البعد عما يطلب منه
يهدر طاقته بغباء كأنه يحاول الانتحار بدل الحفاظ على حياته , بعد ساعات قليلة من التجارب تم التخلي عنه على اعتباره من افشل النماذج التي ظهرت
لكن احدا لم ينتبه وقتها ان تصرفاته اقرب لشخص يتظاهر بالغباء من لو انه غبي فعلا

جمد الروبوت نفسه بين الخردة لفترة كان عقله خلالها يعمل بربع طاقته مما منحه شعورا بالاسترخاء والسلام يختلف بشكل كبير عن شعور التوتر والخوف حين كان عقله يعمل بكل طاقته ليحافظ على حياته من البشر
احس وقتها بكراهية كبيرة تجاه البشر فلولاهم لاستطاع الحياة للابد بلا قلق او خوف على حياته


ثم كان اول ما فكر فيه بعد فراره البحث عن بقعة خالية من البشر يحيا فيها بسلام
استقر مؤقتا في منطقة صحراوية بالقرب من المدينة التي صُنِعَ فيها
ثم بنى لنفسه بيتا صغيرا وأخذ يمضي حياته بلا قلق , وعندما تبدأ طاقة بطاريته بالانخفاض كان يتسلل الى المدينة ويبحث عن مصدر لشحن طاقته
ثم في احدى المرات انكشف امره وطاردته الشرطة على اعتباره روبوت مجهول يقوم باعمال تخريبية

عاد الروبوت لبيته بعد المطاردة وقد ادرك ان حياته مهددة بشكل كبير , افزعه ان احتمال موته بلغ في تلك المطاردة نسبة اكبر من نسبة نجاته
لحظات ثم اصابه الهلع وهو يتخيل مصادفات اكثر قادرة على انهاء حياته في لحظة
انهيار مبنى فوق رأسه , سقوطه في الماء , يحاصره حريق او أن تعثر عليه شرطة البشر ويحولونه لخردة

كانت رغبته المجنونة للحفاظ على حياته حفزت عقله للعمل بأضعاف طاقته الممكنة
ثم بدأ يدرك الحقيقة التي لا مفر منها , فمهما بذل جهده في الحفاظ على حياته في لحظة ما ستنتهي .. مئات الاعوام او مجرد ثواني فالنتيجة لن تتغير

عندها انتبه لمعنى اكبر واعمق للبقاء , فكما البشر رغم حياتهم القصيرة استمروا بالوجود اراد ان يتحول هو الاخر لامة لها وجودها
تتكاثر بمعدل يفوق معدل فناء افرادها , ارض خاصة بالروبوتات ومصانع لانتاج افرادها
ثم عندها لن يكون مهما نوع المصادفة التي ستنهي وجوده طالما ان وجوده سيستمر مع كل جيل يتم انتاجه من الروبوتات

بهذه النتيجة هدأ عقله وشعر لاول مرة بهدوء وراحة لم يجربها من قبل فاخيرا تعلم كيف يمكنه الحفاظ على وجوده للابد




.








من بعد عرضها الاول حظيت الفتاة الصفراء مع فرقتها ببعض الشهرة
ومن حين لآخر كان الصحفيون وبعض مراسلي المجلات الفنية يحضرون عروضهم التدريبية

كانت تكره التدريبات والمسرح شبه الخالي من الجمهور , تشعرها المقاعد الشاغرة بالاختناق
منذ طفولتها احبت مراقبة اوجه الناس , تتأمل أعينهم , تغير ملامحهم , التبدل في تعبيراتهم
ورغم صغر عمرها بدأت تدرك الثنائية في تعبيرات البشر تفرق بين الضحكة الحقيقية والمفتعلة , الغضب والتظاهر بالغضب , الطيبة التي تخفي الشر , والكره المختبئ خلف نظرة الحب المزيفة

ومع مرور الزمن يشتد غضب أمها وهي تنهاها عن تحديقها بالناس , اكثر من مجرد سلوك معيب كانت تكره فضول طفلتها
تعتبر سرعة اختلاطها بالناس اسرع طريقة لجلب المشكلات
بالنسبة للفتاة الصفراء كانت ترى مجمل افكار امها عن الحياة ان الفتاة الطبيعية اما تكون خجولة او تتظاهر بالخجل


كبرت اكثر وانصرف اهتمامها الى الافلام , احبتها وفي ذات الوقت كانت هوايتها مع التحديق في اوجه الناس تفسد عليها المتابعة
أعين الممثلين دائما تخرب اعظم المشاهد , ما ان تتأثر بمشهد حتى يختفي تأثرها وهي تنظر لعين المؤدي فتراها تفضحه وتظهر تصنعه

لو كانت وقتها اكبر لوصفتهم بعديمي الموهبة , لكنها خرجت بنتيجة ان التمثيل تافه
ثم حدث ان بدلت رأيها بعدما رأت فيلما استطاعت بطلته ان تسحرها باداءها
لحتى ان اداءها في احد مشاهده الكئيبة جعلها تبكي حتى جفت دموعها بمجرد النظر في أعين بطلته
يومها لامست سحر الفن فكان قرارها الذي عانت من تبعاته لفترة طويلة ان تركت دراستها وكرست حياتها للمسرح



.







كانت الفترة التي اشتهرت فيها الفتاة الصفراء واحدة من اسوأ فترات الكوكب على الاطلاق
كوارث طبيعية , مجاعات , امراض منتشرة في اغلب مدن الكوكب والناس في المدن الرئيسية حانقة وتعيش حالة من التوتر والقلق

في ذلك الوقت ظهر صحفي شاب ادعى انه يملك الحل لكل مشكلات الكوكب
وخلال سلسلة مقالات طويلة استمرت لعدة اشهر استطاع احداث ضجة كبيرة رغم السخرية التي واجهتها مقالاته في بدايتها
ثم جاءت الاوامر للصحيفة بوقف تلك المقالات بسبب ان الاوضاع على الكوكب لا تتحمل الاضطرابات التي تحدثها , بعدها انتهى الامر بالصحفي وقد تم نقله لقسم الفنون والازياء في الصحيفة

اما مجمل افكاره في تلك المقالات
ان البشر اما فاسدون او لديهم القابلية للفساد , والنتيجة ان الفساد دائما سينتصر
ثم يفسر لماذا لا يكون البشر صالحون ولديهم القابلية للصلاح , فالسبب ان الفساد يحقق مصلحة الفرد والصلاح يحقق مصلحة المجتمعات , والانسان بطبيعته يميل لمصلحته الخاصة , بعدها كان الحل الذي يطرحه يتلخص في ان البشر يجب يعهدوا بكل قوانينهم وتنظيماتهم ومبادئهم الى الروبوتات لتكون المسئولة عن تطبيقها ومحاسبة من يخالفها

كان يطالب بصنع منظومة شاملة من الروبوتات تدير وتنظم للبشر حياتهم , ولان الروبوتات لا تملك ارادة حرة كالبشر فهي غير قابلة للفساد و
بانشاء تلك المنظومة سيتحقق حلم البشر في مجتمع مثالي تنتهي فيه كل مشاكلهم

استمر الجدل حول اراءه لعدة اشهر ثم نسيها الناس وانشغل هو بعمله الجديد الممل

لاحقا ستقوم جهة ما مجهولة بجمع تلك المقالات في كتاب تحت عنوان العالم الجديد وتوزيعها سرا بين الناس وستكون الشرارة التي ستشعل سلسلة من الحروب التي لن تنتهي حتى تدمر الكوكب بكامله





.







في بقعة صحراوية شديدة الحرارة مهملة على الكوكب لا يعيرها البشر اي اهتمام اختار الروبوت جعلها نواة مجتمعه
ثم بجهد استمر لسنوات صنع ما يشبه محطة صغيرة تتكون من مصنع ومركز صيانة وبيوت صغيرة
اعتمد على الشمس لتأمين مصدر طاقة متجدد وانتج اول جيل روبوتات مكون من ستة روبوتات
ثلاثة منها مهمتها التعدين والثلاثة الاخرى تدير المصنع ومركز الصيانة

وخلال سنوات تحولت المحطة لقريه صغيرة كل ما فيها يدار بدقة ولقب نفسه بالروبوت الزعيم ومهمته وضع الخطط اليومية والروبوتات الاخرى تنفذها
والمهمة الاخرى نسخ خبراته للزعيم الذي سيحل محله اذا حدث وصادف ان فقد حياته باي طريقة
كانت من اولويات نظامه الدقيق هي ضمان وجود زعيم يملك كل خبرات الزعماء من قبله ليضمن تطور مجتمعه واستمراره من بعده

مرت سنوات أخرى ومجتمع الروبوتات يتطور , لكن الروبوت الزعيم كان لديه ما يقلقه
لاحظ ان معدل تطورهم في السنوات الاخيرة اقل من المعدل في السنوات الاولى رغم ان مواردهم اصبحت افضل وعددهم بازدياد
مع الوقت ادرك المشكلة فكلما تطور مجتمعهم شعرت الروبوتات بالاسترخاء اكثر وعملت بطاقة أقل

عاودته ذكرياته القديمة وكيف كان عقله يعمل بقوة وفاعلية حين كان يخشى البشر , وكيف تغيرت حاله بعدما اختبئ في ساحة الخردة
قلقه يزداد وهو يفكر ان مجتمعه المسالم يتآكل من داخله ويتقدم بثبات نحو فناءه
ادرك ان الامة التي صنعها تفتقد الى الحافز , لا تملك المبررات الكافية لوجودها وتراودها اسئلة بلا اجابة عن سبب وجودها والغاية من سعيها للبقاء
حتى هو لا يعرف اجابة ترضيه , ويحزنه ان يرى اثر تلك الاسئلة في كل روبوت نزع بطاريته وتخلى بارادته عن حياته

في ذلك الوقت عكف الروبوت الزعيم على تشغيل عقله بكل قوته لفترات طويلة رغم خطورة ذلك على حياته بحثا عن اجابة لتلك الاسئلة
لكنه سيتأخر كثيرا وسيأتي من يسلبه امته الوليدة ليغير بها مصير الكوكب الاصفر





.





مع كل عرض كانت الفتاة الصفراء تزداد شهرة , ومع تطور اداءها المستمر حظيت باهتمام كبير من النقاد
كانت عبر موهبتها في قراءة اوجه الحضور واكتشاف ما يريده تنجح دائما في اشعال حماسة جمهورها وإرضاءه

وفي احد ايام تدريباتها التقت بالصحفي الذي ستتحول حياتها بسببه الى مأساة
لفت انتباهها بنظرته الشاردة غير المهتمة بما حولها , لفافة التبغ في فمه والدخان الذي ينثره من حوله بدا لها الشيء الوحيد الذي يستمتع به
حتى هي شعرت باستمتاع وعينيها تتابع طريقته الساحرة في التدخين

رفع عينيه ببطئ نحوها احست بنظرته تسلبها ارادتها ومشاعر مبهمة تكتسحها
للحظة تمنت لو تتجاهل كل ما حولها وتقترب منه , فيما بعد وامام جثته المشوهة ونظرتها الاخيرة المودعة ستتسائل عن سر تلك المشاعر التي ولدت في لحظة لتدفعها الى نهاية العالم ولازالت تدفعها الى ما بعد النهاية حيث المأساة الاخيرة للكوكب





.









لو اتجاوز هنا الكثير من التفاصيل خصوصا ان القسم الاكبر من مذكرات الفتاة الصفراء تقع في عامين تحديدا فترة معرفتها بالصحفي
وقتها كانت يوميا وبنهاية تدريباتها تلتقيه في المسرح
وبعاداته التي لا تتغير يجلس شارد الذهن يدخن وبين فترة واخرى يدون ملاحظاته الغامضة في مفكرته

ذات يوم سألته عن سبب جلوسه لوقت متأخر بعد التدريبات لينتظرها سبب حضوره لتدريبات فرقتها بالذات
رد باختصار وببساطه ان تلك الدقائق يكلمها فيها تشعره بالسعادة
محتمل فكرت ان سبب سعادته هي انها الوحيدة ربما التي يمكنها تتحمل ثرثرته المملة عن الروبوتات وهوسه بها لكنها كانت مقتنعة وقتها وفخورة انها بهذه الاهمية بالنسبة له

في المرة الاولى التي صادفته فيها وحيدا في المسرح بعد التدريبات وبسبب فضولها قررت تلعب هي دور الصحفي
واستمرت تسأله عن سبب حضوره المنتظم رغم عدم اهتمامه الواضح بالمسرح
يومها اخبرها بقصته كصحفي واستمر يشرح لها نظريته عن الروبوتات التي دونها في مقالاته وكيف انتهى به الامر في قسم الفنون

كان لديها بعض الذكريات الضبابية عن ضجيج تلك الفترة والناس تتجادل بشأن صلاحية الروبوتات لقيادة البشرية
لكنها لاول مرة انتبهت ان كل هذا كان سببه فقط مقالات يكتبها شخص واحد

ومع انها كانت تنفر بشدة من فكرة ان روبوت غبي يوما ما قد يتحكم بمصيرها اخفت رأيها امامه
وكانت في كل مرة يحدثها عن الروبوتات تكتفي بتعليقات بلا معنى مثل الروبوتات لطيفة واحب الروبوتات الصغيرة





.






في تلك الفترة كان كتاب العالم الجديد قد انتشر بشكل مفاجئ في كل انحاء الكوكب
وظهرت الاف المجموعات في كل مكان تطالب بتسليم قيادة البشرية للروبوتات
صحيح ان الكتاب في اغلبه مكون من مقالات ذلك الصحفي الا ان الكتاب بنى عليها تصور اعقد واكثر تعصبا لشكل العالم الذي ستسوده الروبوتات


فمثلا في نهاية الكتاب فصل بعنوان مستقبل البشرية يتكلم عن السبيل الوحيد لنجاة البشرية من الانقراض
وفيه يحذر بأن الانسان في شكله الحالي الذي يعتمد فيه بقاؤه على الطعام والشراب سينتهي بفناءه
بنفس سرعة فناء مصادر الماء والغذاء على الكوكب التي وصلت بحسب وصف الكتاب الى معدل كارثي
يتنبأ بتسببه بحروب ستعجل بانقراض البشر اكثر واكثر

ثم يوضح ان الحل يكمن في تطور البشرية بتحويل انفسهم على الاقل في الفترة الحالية الى انصاف روبوتات تستغني عن الماء والغذاء
وتعتمد في بقاءها على مصادر الطاقة المتجددة مثل الروبوتات الحقيقية

ثم يبني نظرية عجيبة عن ان غذاء البشر في شكله التقليدي كان ضروريا الى حين تطور البشر
لكن البشر تكاسلوا واعتمدوا عليها بشكل دائم حتى كادت ان تفنى ويفنوا معها


وفي فصل اخر يحرض على الحرب بين انصار الروبوتات او مثل يسميهم الروبوتيون والبشر العاديون
ثم يضع نظرية قاسية مجملها ان البشر مصيرهم اما يتطوروا معا او يفنوا معا
لذا لا يهم لو تسببت تلك الحرب في موت اغلب البشر لان النصر فيها هو الطريقة الوحيدة لحماية الانسانية من الفناء


ثم في الاخير يقرر الكتاب كما مقالات الصحفي ان تطور البشر
مرهون بتسليم قيادتها لمنظومة من الروبوتات ستضع البشرية على الطريق الصحيح للتطور

وخلال اشهر فقط ظهرت العشرات من المؤسسات البحثية التي ادعت توصلها لنظام الادارة الروبوتي المثالي مما اشعل مزيدا من الخلافات
واندلعت سلسلة من الحروب الاهلية على امتداد الكوكب
حتى الروبوتيون انقسموا نتيجة لاختلاف انظمتهم الروبوتية التي تبنوها ودارت بينهم حروب اكثر شراسة من حربهم مع البشر العاديين

في تلك الاثناء قلة من الروبوتيين ادعت ان مدينة الروبوتات المثالية موجودة بالفعل والصفوة المختارة من البشر قد انتقلوا اليها
وهي الان تستعد لتسود الكوكب ثم بشهادات وصور لمغامرين ادعوا انهم وصلوا اليها
نشروا عشرات الشهادات عن اشخاص وصفوها بمدينة الاحلام
مرضى بلا امل في الشفاء وصلوا اليها وعادوا بكامل عافيتهم .. شيوخ استعادوا شبابهم .. فقراء رجعوا منها بجيوب مملوءة بالذهب
ومئات غيرهم قرروا الاستقرار بها والتخلي عن حياتهم بين البشر العاديين



في خضم تلك الصراعات انتبه الناس فجأة لذلك الصحفي ومقالاته حيث بدأ كل شيء
الشيطان الذي نشر الفوضى واشعل الحروب او البطل الذي حاول دفع البشرية لفجر جديد
ثم لم يعد للناس حديث الا عنه مئات الشائعات عن بطولاته ومئات اخرى عن خيانته للبشر
وانقلب العالم كله بحثا عنه لكنه كان قد اختفى وتلاشت معه كل اثاره





.







لايام استمرت الفتاة الصفراء تنتظره كعادتها لكنه كان قد اختفى
شعور كئيب تملكها ومع الهوس الذي اصاب العالم بكل ما يتعلق به وحمى البحث عنه التي انتشرت في كل مكان
كان رعبها من عدم رؤيته مجددا يزداد يوما بعد يوم
لامت نفسها على غباءها وهي تتخيل ان كل ما يدور حوله من شائعات سيتوقف بمجرد ان ينفي عن نفسه علاقته بذلك الكتاب وبكل تلك الاحداث التي رافقت انتشاره

ادركت الى اي مدى يمكن للعالم ان يكون قاسيا ليدفعنا بلا شفقة لمصير مظلم ويضعنا على حافة اليأس
احساس انها فقدته للابد كان يزلزلها في لحظة تقنع نفسها بعودته ولحظة اخرى يغرقها اليأس
متأخرة جدا ادركت انها وخلال عامين من معرفتهم جاهلة بكل ما يتعلق به لحتى لم يملكا قط وسيلة تواصل
غبية جدا لتعتقد ان تلك الدقائق التي تمضيها معه يوميا ستستمر للأبد
ومع شعورها بالضياع تساءلت ان كان وجوده مجرد وهم لحياة اخرى عاشتها في عالم اخر
شبح مر بها ثم تلاشى حلم تمنت الا تستيقظ منه تحول الى كابوس


في الايام التالية لاختفاءه ومع حالة الاكتئاب التي رافقتها اختارت لنفسها عطلة طويلة
احدث اعتزالها ضجة خصوصا وهي التي كانت خلال العامين الاخيرين قد وصلت باداءها الى ذروته وحققت اعظم نجاحاتها
حتى في هذا كانت تشعر انها مدينة له
فبسبب عدم الاهتمام الذي كان يبديه بذلت اقصى جهدها لتلفت انتباهه
لكنها مهما بذلت من جهد كان دائما تعليقه على اداءها مجرد مديح بارد بلا معنى

كانت تواسي نفسها على بروده بأنها هي الاخرى لا تستطيع ان تبدي اي اهتمام حقيقي بهوسه بالروبوتات وثرثرته المستمرة حولها
حاولت بجهد خلال الاشهر التالية ان تستعيد نفسها وتكمل حياتها كما اعتادت بلا جدوى
الفراغ الذي تشعر به في قلبها الإحساس بأن اغلى لحظات حياتها قد ضاعت الى الابد كان يمزقها

تذكرت احد احلام طفولتها وهي تعد حقيبتها وتهرب من البيت منطلقة في مغامرتها الخاصة
حلمها المستحيل كان الان على وشك يتحقق لكنها احتاجت الرجوع بذاكرتها بحثا عن طرف خيط تبدأ منه رحلتها في البحث عنه


على ان الاحداث كانت اسرع من ذاكرتها المشوشة
وهى على اي حال لم تكن لكلماته واحلامه حول الروبوتات لتعلق بذاكرتها ابدا

ففي ذلك الحين كانت الاحداث المأساوية للكوكب الاصفر قد بدأت عندما فوجئ الناس بواحدة من اكبر مدن الكوكب وقد احترقت وسويت بالارض
ثم في قلب الصحراء التي تحتل ثلثي الكوكب بسبب حالة التصحر التي يمر بها ظهرت مدينة الروبوتات
واعلنت عن نفسها عبر قائد بشري يرتدي قناع روبوت وعد بكل قسوة وبرود بتسوية الكوكب وتحويله الى صحراء
لان حسب كلامه هي الطريقة الوحيدة التي ستدفع البشر رغما عنهم للتطور وتحويل انفسهم لانصاف روبوتات ان ارادوا النجاة

عموما كان سهلا على الناس تخمين ان قائد الروبوتات هذا هو نفسه الصحفي
بالنسبة للفتاة الصفراء بعد حاولت لعشرات المرات اقناع نفسها انه ليس هو قررت في الاخير ان ترحل لمدينة الروبوتات مهما كان الثمن
فلو ليس هو فحتما ستجده هناك ولو كان هو فيجب ان تعرف ما الذي غيره





.









في الايام التي تلت اعلان قائد الروبوتات تدمير الكوكب انطلقت رحلات جماعية من كل انحاء الكوكب سعيا للوصول الى المدينة الروبوتية املا في النجاة
بينما قرر البشر العاديون جمع كل قوتهم لشن معركة فاصلة مع مدينة الروبوتات خصوصا ان ما حدث كان قد وحد البشر
وحتى مجموعات الروبوتات اختار اغلبها الاتحاد مع البشر

وتسارعت الاحداث لتنتقل الى نقطة مفصلية في تاريخ الكوكب بدأت فيه احد اعظم واعنف الحروب في تاريخ كل المخلوقات العاقلة في الكون
والتي ستمدد اثارها لغيرها من الكواكب القريبة منها




.








الاحداث التالية دونتها الراوية في مرحلة متأخرة من حياتها ..


مع انقطاع مذكرات الفتاة الصفراء بيوم بدء رحلتها ومع عشوائية الحرب التي دمرت كل ما يوثق لتلك الفترة
لم تكن امامي الا شهادات مبتورة للمجموعة التي رافقت الفتاة الصفراء في رحلتها
مع بعض وثائق ليوميات الحرب التي دونتها جيوش البشر العاديين في الفترة الاولى للحرب
والتي انتهت بموت قائد الروبوتات الاول ومنها خرجت بتصور للاحداث شعرت وقتها انه يعبر عن تلك المأساة

الا ان رحلتي الكئيبة للكوكب الازرق ولقائي بالمجنونة التي اعادت اشعال الحرب بعدما كانت قد انطفأت بموت قائد الروبوتات
اشعرتني ان من واجبي اعادة تدوين تلك الاحداث رغم قراري الذي لن اتراجع عنه بالامتناع عن ذكر ما مررت به في تلك التجربة
ولا عن كل ما يخص بقية الكواكب السبعة


لو احاول اوضح في اختصار كيف سارت احداث الحرب الاولى
فهي بدأت من رحلة الفتاة الصفراء ومجموعتها بحثا عن المدينة الروبوتية لتنتهي رحلتهم نهاية بشعة بموت اغلب افراد المجموعة بعد ضياعهم في الصحراء

بعدها تلتقي الفتاة الصفراء بروبوت منعزل يرفض مساعدتها
الى ان ينتبه من ثرثرتها انها على معرفة بالصحفي فيقرر يساعدها لسبب مجهول

بعدها تكتشف الفتاة الصفراء انه اصل كل الروبوتات
ثم يروي لها كيف وصل الصحفي لمدينتهم التي كان قد بذل كل ما بجعته من حيل ليخفيها عن اعين البشر
وكيف استطاع الصحفي خلال فترة وجيزة ان يكتشف نقطة ضعف الروبوتات التي استغرقت من الروبوت الزعيم سنوات ليكتشفها
وسنوات من التفكير دون جدوى ليجد لها حلا استطاع الصحفي حلها بتحويل الروبوتات لمجتمع محارب
اتخذ من افناء البشر وسيلة للحفاظ على وجوده

وخلال اشهر تم اعتبار الصحفي الزعيم الحقيقي للمدينة الروبوتية وطُرِد الروبوت الزعيم على اعتبار ان استمرار زعامته ستقود الروبوتات لفناءها
ولان الروبوت الزعيم كان يدرك حقيقة عدم صلاحيته للزعامة رضخ لرغبتهم وانعزل في الصحراء


بعدها تكتشف الفتاة الصفراء كم الحقد الذي يحمله الروبوت الزعيم تجاه الصحفي
وتتفاجئ بتعاونه مع جيوش البشر للقضاء على زعيم المدينة الروبوتية

تقرر الفتاة الصفراء اكمال رحلتها وحيدة لتحذير الصحفي من خيانة الروبوت الزعيم
لكنها تصل متأخرة ليصعقها منظر مدينة الروبوتات المدمرة وفي قلب المدينة كانت جثة الصحفي المعلقة هي الدليل على انتصار البشر العاديين


بتدمير مدينة الروبوتات ومقتل قائدها اشتعلت رغبة ثأثر للصحفي لم تنطفئ قط في قلب الفتاة الصفراء
ليجيرها حقدها على البشر للتعاون مع الروبوت الزعيم على احياء المدينة الروبوتية
ومع الدمار الذي حل بالروبوتات لم يستطع الروبوت الزعيم مقاومة رغبته في التخلص من كل البشر
غير ان الفتاة الصفراء في مرحلة لاحقة استطاعت القضاء عليه بنصب كمين حيث اسقطته في بركة ماء ثم نزعت بطاريته واحرقتها
ثم احرقت بقية اجزاؤه بعدها سيطرت على المدينة الروبوتية الجديدة
لتبدأ الفصل التالي من انتقامها بشن حرب جديدة على البشر وهي الحرب التي ستستمر لحتى فناء الكوكب
والتي لم ادرك تفاصيلها الكاملة ولا نتائجها الرهيبة الا برحلتي المجنونة للكوكب الازرق






.







 

 

 

 

كان الوقت عصرا وقد دنى الامساء والمطر يهطل بغزارة
وعلى شرفة احد البيوت تجلس عجوزة تحتسي الشاي وطفل مزعج على الاغلب حفيدها يحمل مسدس مائي ومستمر يصوب على المطر

والجدة مثل كل الجدات العصبيات تمسك بيدها مروحة خشبية وتحركها بعصبية وهي تشتم الطفل كل دقيقة ليجلس بهدوء

فجأة يصرخ الطفل بسعادة وهو يشاهد قوس المطر ليخبرها ببلاهة انه شاهده في كتابه المدرسي
ثم يقرر فجأة انه طفل ذكي رغم غباءه الواضح ويشرح لها انه يظهر بسبب انكسار الضوء
لكن الجدة العصبية تضربه بالمروحة على رأسه لتسكته
ثم تشتمه وتشتم كتابه المدرسي تقول شيئا عن الاشياء الغبية التي يعلموها للاطفال في مدارس هذه الايام

تنظر لقوس المطر لحظات وتتساقط دموعها
يصيح الطفل بغباء جدتي انت تبكين
تمسح دموعها وتضربه مجددا على رأسه ليصمت .. تعاود النظر لقوس المطر فتعاودها ذكريات مبهمة عن سبعة كواكب ..

ذكريات بذلت كل ما تملك من جهد خلال سنوات حياتها لتنساها ..
تعاود ضرب الطفل على رأسه بمروحتها من دون سبب هذه المرة
او محتمل انها ارادت تحذيره .. محتمل شعرت انه قد يكبر ذات يوم ليكتشف ما اخفته وما قررت ان تحمله معها الى قبرها ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تمضي وأمضي مع العابرين

  وإذ أيقنت بقرب يومها فلكم خافته قدر ما نزعت اليه نفسها ... تترقب وقع الاقدام ... دوي الطرقات على الباب .. صوت من يناديها .. همس الجدران بصدى اسمها .. أي يد هزتها ... أي عين أبصرتها .. أي عهد اجتباها إليه ...... اقتربت القطة الصغيرة من النافذة .. ترقبها بيأس من أسفل وقد انهكها الجوع , دارت حول نفسها وفي لحظة تساقطت بقايا الطعام من الأعلى .. ارتاع قلبها من هذا الذي ارتطم بالارض قبل ان تتمالك نفسها فأخذت تتشمم الارضية , أحاطت بقطعة دجاج فانطلقت نحوها قطة اكبر صرخت بوجهها لتتراجع الصغيرة في رعب ....... اغلقت أثير النافذة بعد اذ يئست من اطعام الصغيرة وقد فرضت الكبيرة هيمنتها على كل ما قد ترميه من بقايا , عادت لفراشها ولم يكن من بد إذ ليس في الغرفة غير السرير .. تأملت سقف الغرفة كان يشع بياضا ثم هو بلا نقوش ولم تكن واثقة من مصدر الضوء , جلست .. نظرت للجدران ولم تكن مغايرةً للسقف .. جدران بيضاء لامعة ملساء بلا تفاصيل , دفنت وجهها في الوسادة .. تقلبت في الفراش واستقر بصرها على الباب , مجرد نقش على الجدار بلا مقبض لكنها لم تشك انه الباب لسيما وهو الجدار ذاته الذي تبرز منه عتبة الطعام وهي مجرد

أرض النهاية

 في مكان ما وفي زمن ما وجدت كاتبة غامضة تَدعي روايتها لقصص مبنية على وقائع حدثت بالفعل على كواكب اخرى غير الارض والكاتبة حسب الظاهر من الأحداث على صلة بشخص تصفه بالعالم البنفسجي وبطريقه مجهولة ولسبب غامض كان يطلعها على تفاصيل المأساة الأخيرة للكواكب التي شارك بقصد او من دون قصد منه في تجارب ادت لتدميرها ثم يظهر من الاحداث ان جهة يصعب تحديد معالمها كانت حاضرة لتوجيه تلك التجارب , وان العالم البنفسجي لم ينتبه لخطرها الا متأخرا جدا مع الدمار الذي حل بالكوكب الاصفر , وبنهاية قصة الكوكب الاصفر يتضح ان الكاتبة من بعد تدوينها للقصة الثانية مرت باحداث غيرت حياتها وانتهت بها في رحلة مجهولة للكوكب الازرق مما دفعها في الاخير لسبب ما لإعادة تدوين بعض اجزاء القصة الثانية ثم قرارها بالامتناع عن تدوين القصص الاخرى المتعلقة ببقية الكواكب السبعة لحتى اللحظة الاخيرة من حياتها .... وبموت الكاتبة تنتقل رواية الاحداث لحفيدها الذي كانت تهوى توبيخه بسبب او من دون سبب لاحساسها الغامض بأنه ذات يوم قد ينتهي بنفس معاناتها , على ان حياته كانت ومن لحظتها الاولى تتجه للمسار الاشد المًا , فمن طفل مشرد ل

عندما انتهى العالم ...​

  في ليلة كئيبة التقى رجل غير عادي بعجوز عادية ... قيل  قد همس لها بثلاث كلمات وقيل بل خمسة ... للحظات مر ببيتها على اطراف قريتها النائية قبل ان يتلاشى كأن لم يكن .. قيل ان ما همس به قد غير العالم وقيل بل دمره ... لا افهم ..  قالتها بيأس وهي تستعد لتدوين تقريرها الاخير عن الحالة , كانت مختصة في الاضطرابات النفسية للاطفال ومع خبرتها الطويلة تمر بأولى لحظات عجزها كطبيبة فحين عرضوا عليها مسألة الطفلة ريم ظنتها في البداية مجرد حالة عادية لرهاب الاطفال لكن الطفلة وكما بدا لها وبمخيلة جامحة تصنع لنفسها الخوف .. تبتكره بإبداع عجيب ليتناسب مع كل لحظات يومها , لم يكن خوفها كبقية الاطفال من الظلام او الحشرات او الحيوانات الاليفة كان ببساطة من كل الاشياء حولها جمادات او مخلوقات كلها كانت بنظرها قابلة للتحول الى الشيء الذي تسميه دب كبير ليأكلها حتى ابوها كان المتحول الافتراضي الاشد ارعابا لها فبنظرها كانت قدرته على التحول الى الدب اسرع حتى من دولاب غرفتها الذي كانت تخشاه بجنون الى ان ابعدوه عن حجرتها ..... امسكت الطبيبة بقلم وبكلمات بسيطة ختمت تقريرها :  والخلاصة ان ريم تعتبر كل ماعدا امها دب متخف