التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تمضي وأمضي مع العابرين

 وإذ أيقنت بقرب يومها فلكم خافته قدر ما نزعت اليه نفسها ...

تترقب وقع الاقدام ... دوي الطرقات على الباب .. صوت من يناديها .. همس الجدران بصدى اسمها ..
أي يد هزتها ...
أي عين أبصرتها ..
أي عهد اجتباها إليه ......






اقتربت القطة الصغيرة من النافذة .. ترقبها بيأس من أسفل وقد انهكها الجوع , دارت حول نفسها وفي لحظة تساقطت بقايا الطعام من الأعلى .. ارتاع قلبها من هذا الذي ارتطم بالارض قبل ان تتمالك نفسها فأخذت تتشمم الارضية , أحاطت بقطعة دجاج فانطلقت نحوها قطة اكبر صرخت بوجهها لتتراجع الصغيرة في رعب .......
اغلقت أثير النافذة بعد اذ يئست من اطعام الصغيرة وقد فرضت الكبيرة هيمنتها على كل ما قد ترميه من بقايا , عادت لفراشها ولم يكن من بد إذ ليس في الغرفة غير السرير .. تأملت سقف الغرفة كان يشع بياضا ثم هو بلا نقوش ولم تكن واثقة من مصدر الضوء , جلست .. نظرت للجدران ولم تكن مغايرةً للسقف .. جدران بيضاء لامعة ملساء بلا تفاصيل , دفنت وجهها في الوسادة .. تقلبت في الفراش واستقر بصرها على الباب , مجرد نقش على الجدار بلا مقبض لكنها لم تشك انه الباب لسيما وهو الجدار ذاته الذي تبرز منه عتبة الطعام وهي مجرد بروز يخرج من الجدار على فترات متباعدة حاملا الطعام والماء , لم تعرف لماذا هي في الغرفة ولا كيف وصلتها أو متى , مرت الأيام والاسابيع ولم يكلمها أحد او يحاول اخراجها , حاولت لمرات لا تحصى ان تنادي فصرخت من خلف النافذة والباب بلا جدوى , حزمت أمرها ذات يوم لتقفز من النافذة لكن شيئا ما لا تبصره كان يمنعها أقرب لجدار زجاجي يبعد عن النافذة مسافة صغيرة لا تسمح لجسدها بالعبور , أما خلف النافذة فليس هناك الكثير لتصفه عن اليمين واليسار ممر لاترى اخره ثم السور الأبيض المقابل لنافذتها والذي يحجب عنها الرؤية بارتفاعه وبالكاد يمكنها ان تلمح جانبا صغيرا من السماء لكنها سماء رمادية غريبة لا يتغير لونها الا لتقترب من السواد في بعض الأحايين ثم سرعان ما تعود لسابق عهدها ...
في البدء وحين وعت وجودها داخل الحجرة لم تكن تذكر شيئا عدا اسمها وبمرور الوقت تبدت لها صور ماضيها وإن خلت من التفاصيل كأن تتذكر بيتها وعائلتها لكنها لا تكاد تسترجع ذكرى كاملة معهم .. سافروا في رحلة فتتذكر الطائرة والفندق أما كيف شعرت عائلتها ما كان حديثهم وأين ذهبوا وماذا أكلوا كلها كانت ضبابية وبالمثل مدرستها لا تفاصيل عدا مكان مقعدها وزاوية نظرها للوح الكتابة وبعض الوجوه ثم هي لا تذكر محتوى أي درس أو حادث وقع بين اصداقائها أو المعلمة ولو شاءت أن تضع تصورا لما مضى من حياتها فهي من عائلة عادية لديها اخت تكبرها بعام واخ يصغرها بعامين تذكر القليل عن المدرسة وعطلات الصيف ثم ختمت دراستها بأن ابتعثت للخارج واخر ما تذكره انها ولسبب ما قطعت بعثتها وعادت ....





لا تدري أستمرت محاولاتها لاسابيع او سنوات وهي تحاول كشف سر وجودها بحجرة بيضاء بلا أبواب , وانتهى تفكيرها في كل مرة الى انها ماتت أو أصيبت بحادث وتعاني غيبوبة أو حية لكنها أسيرة ثم كانت تستبعد الموت فهي تشعر بالجوع وتأكل وتطعم القطط المتواجدة في الممر من بقايا طعامها , وأما الغيبوبة فكانت تتمناها فتفكر ان الحجرة والطعام الذي يخرج من الجدار مجرد انعكاس لغرفة العناية حيث تستلقي فاقدة لوعيها ولا ينقصها الا بعض الوقت لتستيقظ وتدرك ما ألفته من حياتها إلا أن احساسها وتفاعلها مع ما حولها كان يكذبها فتعود للتفكير إن كانت مخطوفة أو معزولة أو هو كان شيئا اختارته ثم أصيبت بصدمة محت ذاكرتها فلم تعد تدري ما فعلته بنفسها , أو هي تطوعت لتجربة وهناك من يراقبها ... وربما رحلت داخل سفينة فضاء في جولة استكشافية ... أو لعل فضائيًا كان يستطلع الارض وانتقاها كعينة أرضية في طريق عودته ... ثم تتخيل نفسها أدمنت في مرحلة ما حتى بدأت بتجربة مخدر جديد ... أو أصابتها عدوى مجهولة وتم عزلها عن العالم ... ثم لم يبقى إلا أن تفترض نفسها مجرد آلية منحوها ذاكرة بشرية ويتم اختبارها داخل الحجرة ... أو .....



.


وكانت الغرفة قد حوت ممرًا ضيقًا ينتهي بقاعة دائرية صغيرة أقرب لحمام مع خزانة احتوت عدة نسخ من ذات الجلباب الأبيض الذي كانت ترتديه وكانت يوميا قبل النوم تغسل جلبابا وترتدي غيره لمجرد ان تجد ما يشغلها , وذات يوم بعدما خرجت من الحمام وجلست على السرير تجفف شعرها انتبهت لكم هو قصير واستعادت بعض الذكريات عن انسداله على كتفيها فشعرت بخاطر كئيب وهي تفكر بالسبب الذي قد يجبرها على تقصيره او من قد قصه لها بغير ارادتها .....




.




من خلف نافذتها وقفت تتأمل القطط وكانت الصغيرة قد اختفت منذ أيام وظهرت قطة بنية ضئيلة برفقة أخرى رمادية تشاركها في البؤس والحجم كانتا تفتشان عن الطعام بيأس وما كان باستطاعتها أن تلقي لهما بالمزيد اذ كان ما تحصل عليه من طعام بالكاد يكفيها ثم عثرت الرمادية على بعض الفتات المنسية فتبعتها البنية وأخذتا تأكلان وتلعقان الأرضية .. استرخت الرمادية بينما البنية شعرت بالنشاط فاقتربت منها تدور حولها وتدفعها لتلعب ثم بدأتا تجريان .... خُيل لأثير ترى نفسها في الروضة تركض ... تسقط فتضحك وتسمع من تناديها لان المعلمة توزع أكياس الحلوى ... ثم تجد نفسها قد ضيعتها وجلست حزينة تنتظر اختها قبل أن تعودا للبيت .. تتذكر كيف كانت مكتئبة اذ هي الوحيدة التي خسرت كيسها وكان الاحساس بأنها مختلفة عن الاخرين يفزعها ويملئ قلبها كآبة حتى ظهر طفل لم تعرف أكان يكلم نفسه أو يحدثها لكن حين اصبح قريبا منها قال فيما تذكره ان لا حاجة له بكيس حلوى قبيح ورماه في سلة المهملات .. كان تصرفه الغريب قد أنساها في لحظة مخاوفها كأنما لم تعد وحيدة فيما أصابها ... نادتها أختها وكانت تحمل عدة اكياس لم تسألها كيف حصلت عليها وكانت قد فقدت رغبتها في ان تأخذ البعض منها , ولسنوات وبعد أن نضجت كانت تسترجع تلك الذكرى وتتساءل لو كان ما فعله الطفل مجرد حماقه او انه قد حاول ان يواسيها ....



.



لم يكن من يوم إلا وحاولت فيه العودة بذاكرتها لما كان قبل الحجرة ولِما دخلتها , ثم اذا استثنت ما اختلط عليها من ذكريات كان أقدم ما تذكره عن الحجرة لحظة أن فتحت عينيها لتجد نفسها مستلقية على السرير تحيط بها الجدران البيضاء , حسبت نفسها تحلم لكن الامر طال فهمّت بالنهوض فلم يطاوعها جسدها .. كان احساسها بأطرافها معدومًا ثم غابت عن الوعي ... لم تكن واثقة رغم ما أحست به ان استمرت لايام تفقد وعيها وتستعيده تحاول الحركة فتسقط في غيبوبة ثم تفيق لتحاول مجددا , أكانت أيامًا أو أشهرًا ؟ لن تعرف أبدًا الا انها في ساعة ما استطاعت الحركة , شعرت بشيء ما يغطي عينها اليسرى .. تحسسته بيدها ورفعته فكانت رقعة زرقاء .. بتردد فتحت عينيها فأحست ببعض الألم ولثوان كان الضوء الاخضر يغزو رؤيتها واصطبغت الحوائط حولها بالأخضر ومع ما شعرت به من قلق أعادت الرقعة الى عينها فتلاشى الاخضرار وعادت الحوائط للّونها الأبيض , تساءلت عما أصاب عينيها وهي تحاول النهوض ... بصعوبة جلست .. رأسها تدور والظلام يبدد الغرفة عن بصرها , تمالكت نفسها وأصرت على فتح عينها .. سقطت لحظة أن وقفت .. زحفت على الارض تشعر بالضياع أين هي وأين الآخرين ثم انتبهت انها لا تدري من هي ولا من الآخرين الذين افتقدتهم , عاجزة عن الصراخ لا يكاد يصدر منها صوت حتى تشعر بصفير عنيف أوشك أن يصم أذنيها .. استمرت تزحف على غير هدى حتى لاح من الجدار بروز افقي زحفت نحوه بفضول كان بداخله طعام وشراب , أحست فجأة بحاجة غير عادية للطعام وبتثاقل رفعت يدها وتناولت قطعة دجاج .. انتفضت لحظة ان اكلت منها كأنما قطعة جمر عبرت حلقها .. استمرت تسعل رغم الألم الرهيب الذي أحست به في صدرها تقلبت على الارض يتصبب منها العرق ترتجف يداها وبالكاد تتنفس , ولأيام ارغمت نفسها على الأكل ما استطاعت حتى بدأت بالتحسن وأمكنها الوقوف على قدميها لتسأل نفسها بعد يأسها من الخروج .. أين هي ؟



.



من خلف الممر ظهر قط أبيض متوسط الحجم سريع الحركة ينهب الارض مفتشا عما قد يخفف من جوعه واذ أبصر القطتان البنية والرمادية تأكلان عطف إليهما مبديًا أنيابه ففرتا واستحوذ على ما تبقى من فتات ولم يكد يأكل حتى عاجلته قطة بيضاء تفوقه حجمًا بضربة من يدها على رأسه فكرّ راجعًا .... تراءى لأثير طفل يقفز يضرب صديقا له على رأسه بعصا كرتونية ثم يتدحرج على الأرض ليقف ويصرخ : هجوم .... فيجري خمسه من رفاقه تجاه بالونات معلقة ويضربونها لينفجر منها الهواء , ثم بدأوا لعبة جديدة كانوا فيها يجرون ويحاولون الانزلاق وعرقلة بعضهم البعض ومن يسقط يخرج من اللعبة والفريق الذي يسقط كل افراده يخسر .... تْذكر أنها في السابعة وكان أخوها يحتفل بيوم ميلاده في حديقة البيت وكانت أمها جالسة مع بقية الأمهات يبتسمن ويتظاهرن بالفخر من مدى رقي الألعاب التي يلعبها أولادهن , كانت تفتقد للرغبة في مشاركتهم واكتفت بالجلوس في الشرفة وكلما نادتها أمها قالت كاذبة انها ستنزل بعد قليل إلا أن رؤيتها لأخيها وأصحابه يلعبون من الأعلى بطريقتهم العنيفة قد جذبت انتباهها , لاحظت ان خالدا هو من يبتكر تلك الالعاب وكان هو نفسه غريب الاطوار الذي صادفته يرمي الحلوى في الروضه وكثيرا ما كان يصحب أمه التي كانت صديقة طفولة لأمها في زيارتها لبيتهم ثم ان اخاها سعد تعلق به وأينما لاقاه لازمه كظله وقلده في كل ما يفعل ...... صرخ أحد الاطفال ألمًا وكان قد فقد توازنه وارتطمت رأسه بجذع شجرة كان يُستعمل كمصطبة , قال احد الاطفال : دفعه خالد وهو يسابقه ... ارتاعت الامهات بينما أم خالد تشتمه وانهالت عليه ضربا بالعصا الكرتونية التي كان يحملها والامهات يحاولن تهدئتها , تلقى خالد الضرب ووجهة في الارض خجلا بينما تصفه بالكارثة التي تمشي على قدمين ... وكانت المرة الأولى لأثير ترى احدهم فيها يتصرف بتهذيب مع أمه وهي تضربه ولا يتجنب الضرب ....





قلما كانت السماء الرمادية تتلون بالسواد وكلما أبصرتها من خلف النافذة اجتاحها حزن ثقيل لا تدري له سببًا , وكثيرًا ما امضت يومها كله باكية إلا أن قتامة السماء كانت تبعث في نفسها كآبة شديدة لا تجاريها أي من مشاعر اليأس والقهر التي لازمتها منذ استيقظت داخل الحجرة .... انسابت دموع حاره على وجنتيها كأن سواد السماء أعاد اليها ذكرى ليلة تمنت لو دُفنت دفنًا في صدرها ..... في تلك الليلة جلست بفناء البيت تتأمل خيطًا من الدخان يتصاعد من بعيد حين نادتها أمها وطلبت منها أخذ بعض الطعام لبيت جارتهم العجوز فاصطحبت اخيها وخرجا معا .. كانت في السنة الاخيرة من المتوسطة وتكلمت طوال الطريق عن تطلعها للثانوية .. لم يكترث سعد لحماستها إلا ان قال باحباط كم سيفتقد خالدا بعد تخرجه .. استنكرت كعادتها تعلقه به وقالت لم تعد طفلا ... وصلا للبيت الذي قصداه فطرقا الباب ووضعا عندها الطعام ثم شكراها وخرجا , .... وببنما يسيران قص عليها بفخر اخر ما فعله خالد , وكان ان حدث شجار بين مدرستهم ومدرسة مجاورة وانتهى بضرب بعض طلاب مدرستهم وقت مغادرتهم فعرض خالد ان يقتص لهم ممن ضربهم وينتقم منهم داخل مدرستهم .... امرته ان يكف عن تلك الحكايات ولا مناص فحماسته كانت قد بلغت ذروتها وهو يصف لها كيف خطط خالد مع بعض رفاقه لضربهم واحراجهم وهم في صفهم ثم كيف استأجروا من بعض طلاب تلك المدرسة معاطفهم الزرقاء وكيف اقتحموا الفصل ثم عزلوه بفتح علب ممتلئة بالحشرات على بابه فحدثت جلبة وتراجع المعلم عن الدخول حتى ياتي العمال للتنظيف في الوقت الذي كان خالد ومن معه يشتبكون مع من استهدفوهم .... عادا للبيت وكان لايزال مستمرا في تباهيه ... دفعته وهي تقول اسكت وابتسمت على الرغم منها متعجبة كيف لخالد وهو نحيل أقرب للقصر ويتصرف دائما بتهذيب أن يعشق الشجارات ولا يكف عن توريط نفسه وغيره بتدخله فيما لا يعنيه حتى اذا لم يجد مشكلة يحشر نفسه فيها ابتدع واحدة بنفسه ...
نادتهما امهما ان يغسلا ايدهما ويساعدها في تحضير العشاء .. كانت اختها جالسة في الشرفة تقرأ ولا احد يزعجها بأمرٍ أو طلب .. نظرت لها من الاسفل فهمّت ان تصعد لتضايقها .. كادت تخطو الا ان ضوءا ما توهج وارتجت الارض من تحتها .. لم تتمالك نفسها وفقدت توازنها مع صوت الصفير الذي اجتاح الفضاء .. ما ادركته لاحقا ان بيتهم قد أصيب عشوائيا برمية مدفع مجهولة وكانت الحرب الأهلية قد وصلت مدينتهم ... انهار احد جوانب البيت وماتت أختها لتتغير حياتهم من بعدها ويقرر أبوها الرحيل فابتاع بيتًا في اكثر المدن أمنًا واستقروا بها , فكانت ليلة فقدت فيها اختها وهجرت بيتها الأول وما ألفته في صباها .....


.


مع طول مكثها حاولت بكل وسيلة ان تجد ما يدفع عنها جهلها بالحال الذي صارت إليه ولم يكن من سبيل فالغرفة خالية من كل ماعدا السرير فلم تجد حتى ما يساعدها على خدش الحائط وعد الايام وليس في الغرفة او القاعة الملحقة بها مرآة تكشف لها عن مدى تغيرها ولم تكن المياه تسمح لها باكثر من صورة ضبابية , أما الشيء الذي لاحظته بعد مدة ليست بالقليلة ان وقت بروز عتبة الطعام كانت الغرفة تمتلئ بدخان أبيض تصعب ملاحظته وأعجب منه كان حاجتها الشديدة للطعام رغم قلة حركتها ويأسها الذي كان في العادة سيمنعها عن الطعام الا انها ما ان ترى طعامًا حتى لا تتمالك نفسها فكان ما تمنحه للقطط اشبه بانتزاع حياتها من بين جنبيها ....
انهت القطة البنية ما القته لها ولعقت الأرض ثم جلست برضى تحدق في نافذتها تمني نفسها لو سقط المزيد من الطعام , وبعين الخيال رأت اثير ميلان الشمس وقت الغروب من خلف القطة التي امتد ظلها مهيبا كجلستها , كان يوما باردًا ولم تستطع منع نفسها من أن تأمر السائق بالتوقف ونزلت من السيارة تلتقط للقط صورة والشمس تغرب من خلفه , في تلك الفترة كانت على وشك انهاء دراستها بمدرسة الفنون السينمائية .. أما السنوات التي تلت موت أختها فكانت كئيبة تغير معها كل شيء اذ كان انتقالهم قد افقدها الصلة بكل من عرفتهم وكان الحزن الذي احاط بوالديها قد عزلهما عن الناس وبانضمام سعد للجيش وعطلاته القليلة فقدت كل ما قد يبهجها فأبوها يخرج في الصباح ويرجع في المساء ليأكل ثم يجلس يدخن ويتصفح الاخبار قبل ان يختفي في حجرته اما أمها فلم ترضَ ولم تصبر ولم يكن من يوم الا وندبت حظها وحسدت من تعرفهم ممن لم يبتلوا بمثل ما أصابها او تمضي يومها تسترجع ذكريات ابنتها باكية ... ثم حدث ان حظيت أثير بمنحة لتستكمل دراستها في الخارج فكأنما أُعتِقَت , وكان سعد من تولى اقناع أبيها حتى منحها موافقته ....



.



وقفت القطة البيضاء جوار السور تحدق في النافذة من أسفل أما اثير فلم تُلقي لها بالا ووقفت تتأمل نظرتها الصبورة , والواقع انها لم تكن يومًا محبة للحيوانات بل طالما نفرت منهم وكرهت سذاجة من يتوهمون الحيوانات صديقة لها وكم قرأت عمن نشأوا مع حيوانات اعتبروها كإخوتهم ثم افترستهم في لحظة جوع او عن حيوانات أليفة اكلت أجساد أصحابها بعد موتهم , وعلى كرهها لعجمة الحيوانات أحبت مراقبة سعيهم في الحياة فكان لها نظرة خاصة اذ ترى في مسلك كل حيوان انعكاسا لفئة من البشر واقتنعت على غير تمحيص ان منزلة كل فئة من البشر بين غيرها هي نفسها منزلة كل حيوان شابهت مسلكه في الحياة بين غيره من الحيوانات ففئة تتعفف ولا تعتدي لا يمكن لمنزلتها بين البشر ان تقارن بمنزلة المفترس بين غيره من الحيوانات , وأما نظرتها لهم كأشبه ما يكونوا بالآلات فكانت ويا للمفارقة الشيء الوحيد الذي بات يشعرها بالحياة حتى ظنت انْ لولاهم لفقدت عقلها ....






تحركت القطة البيضاء ولسبب ما تبعها قط ابيض كبير عن يمينها وعن يسارها قط اسود اكبر منهما مشيا الى جوارها فكانا يضيقان عليها الطريق وكانت تمر بينهما كمن يحاول تفادي الزحام .. أعادت لها أيام بعثتها الاولى وزحام الطلبة الذي لم تعتده والصخب يكاد يفقدها وعيها .. استحضرت في ذهنها يوم ان دفعها الزحام للجهة الخلفية من الجامعة بحثا عن بعض الهدوء اذ كانت أنفاسها تضيق من كثرة الناس , استندت لجذع شجرة ليفاجئها شاب يعبر من جانبها بملامح مألوفة ولوهلة وقع في نفسها أنه خالد مع ما تذكره من بعض الصور القديمة التي حفظها سعد , وكادت تظن نفسها واهمة الى ان تأكدت من الاسم , ثم مرت اسابيع ولم يكن لديها من الجرأة ما يدفعها لتكلمه وكانت تأمل ان يذكرها من اسمها , وذات يوم جلس قريبا منها وسمعته يسألها عن سعد للحظة فكرت لو تنكره وتبدي بعض التعجب الا ان اجابت ببساطة هو بخير , ولم يقل بعدها شيئًا , وفي الاسبوع التالي فعل نفس الشيء وسألها عن سعد فلم تجب بل نظرت له ساعة وقالت : انت خالد ولا تبدو كخالد , سألها وهو لا يفهم : كيف , فأجابت : لاتبدو كما اعتاد أخي ان يصفك .. انت تعرف .. الفريق الذي يبرح غيره ضربًا حتى الموت هو الفائز .... يا لثارات مدرستنا .... الموت لذوي السترات الزرقاء .... الحرب الأخيرة ل ..... ثم انتبهت انها في القاعة فسكتت وادارت وجهها بينما فكر للحظة كأنما يسترجع حادثة ما وضحك مصدرا صوتًا فتم طرده من القاعة ....



.



وفي يوم كغيره من الأيام استسلمت لغفوة طويلة قبل ان تفتح عينها الناعسة .. يمنعها وهج الجدران البيضاء من العودة لغلق عينيها وكانت قد أسندت رأسها الى معصمها فرفعت يدها تريحها ... تأملت معصمها فلم ترى أثرًا لاحمرار وأقلقها أنْ لم تكن المرة الأولى فحيثما نظرت لجزء من جسدها كان أبيضَ شاحبًا كأنما خلا من الدماء , وإذ افزعها الخاطر ولما كانت الغرفة خالية من كل ما قد تستخدمه أداة اخذت تعض على معصمها بأسنانها وقد عزمت أن تجرحه فتُسيلَ منه دمًا غير أن محاولاتها استمرت طويلاً بلا جدوى ... كانت بشرتها الشاحبة لا تتغير فلا اثر لأسنانها ولا حمرة الدماء تظهر مع كل ما فعلته , ثم وككل الامور الغريبة نسيت الأمر كمئات الامور الغريبة الاخرى ... رفعت يدها تحجب بكفها نور الغرفة الذي لا تجد له مصدرًا كما حجبت ذات يوم ضوء الشمس عن عينيها وهي جالسة على درج المسرح المكشوف وكانت برفقة ثلاثة من زميلاتها يتناقشون حول موضوع فيلمهم القصير الذي سيقدم كمشروع لنهاية العام , انزلت يدها وهي تتعجب كيف مضت سنتها الاولى من البعثة بلمح البصر ومر بها خاطر أقلقها لو كانت ذات يوم ستكره عودتها , افترق الاربعة ولم يتفقوا على رأي ... جلست قليلا تتأمل حجارة المسرح والشمس تغرب من خلفها تترقب فكرة لا تأتيها .... ومن الطابق الاخير للمبنى المجاور للمسرح وقف خالد قريبا من ركن الممر وقد اسند آلة التصوير على الحامل ووجهها للمسرح آملا في لقطة تظهره كمسرح معلق من السماء عاد الى حجرة فريقه وطبع الصورة يتفحصها فكانت كما أراد لولا ان الصورة قد التقطت فتاة جالسة على درجاته قد افسدت اللقطة الخالية للمسرح , همّ بصورة جديدة ولسبب ما عاد الى الصورة وعرضها على الشاشة الكبيرة ... تلاعب بلون السماء لتظهر رمادية فبدت له كأرض النهاية كما تخيلها وكأنما يرى المستقبل تراءت له الفتاة كواحدة من آخر البشر وعلى ما أسماه المسرح المعلق للأرض الأخيرة جلست تترقب النهاية ......









فيما بعد وحين رأت أثير فيلمه القصير لم يشغلها ان عرفت نفسها في الصورة قدر ما أثار اهتمامها الاسم الذي اطلقه على فيلمه أرض النهاية اذ كانت لحظة التقاط الصورة تتطلع لنقش على احد احجار المسرح كتب بخط صغير اجهدت نفسها لتقرأه وكان مما تذكره : فإذا انهدم البابان , وشاع البهتان , وظهر العصيان , وطغى الشران , وفشت الأضغان , والتقى الجمعان , وتفانى الضدان , انشق الجبلان وانحسر البحران عن أرض نهاية الأزمان ......



.




ثم كانت الحرب وشاعت نبوءات وتكهن من تكهن أنها التي دار معها الزمان وانتكست البشرية وارتدت حضارتهم من حيث بدأت ... واختلفوا أهي البداية الثالثة أو الخاتمة ....





.




تذكر ان عامها الثاني في البعثة كان عصيبًا فالحرب الاهلية اشتدت في بلدها ولم تبق بها مدينة آمنة وكانت كلما همت بالعودة طمأنها سعد ورجاها ان تبقى حيث هي , اما خالد فقد تبدل حاله تلك السنة وانقطع لفترات طويلة عن الحضور وكانت اذا رأته ونادرا ما تراه مر بها شاردا ثم هو يمضي اغلب وقته يقرأ متجاهلا ما حوله , فيما بعد علمت ان والده كان قد قتل في تلك الفترة وكان من كبار قادة الجيش الا انه اغتيل على يد احد حراسه ثم قُتل الحارس لحظة هروبه وانتهت التحقيقات سريعًا فلم يُكشف عن سبب قتله , وعاد خالد وقتها إلا ان اخاه الاكبر قد اقسم عليه ان يرجع ويستكمل دراسته غير أن الصدمة التي أصابته دفعته دفعًا ان يأخذ الحياة على محمل الجد فعكف على فهم اسباب الصراعات التي اجتاحت العالم في سنواته الاخيرة وكيف انغمس نصفه في حروب أهلية بينما النصف الآخر ينجر جرا لمستنقعها حتى اوشك العالم بكامله على الانهيار , وامتدت دراسته لفجر التاريخ فسبر اغوار كل صراع واحاط علما بمنتهى كل نزاع , فارتحل شرقا وغربا ملتمسا اثر فتيل كل فتنة ولم يترك جمعية ولا حزبًا مشبوهًا الا وتقرب من أصحابه مفتشًا عن فعله ان كان له فعل او عن مكائده ان كانت له مكيدة , وانقضت اعوام عاد بعدها لوطنه الممزق وقد اكتملت له صورة أفزعته , أما أثير فما كادت تنهي عامها الثاني حتى أتاها خبر موت والديها بحادث سير اذ انهار أحد الجسور اثناء عبورهما نتيجة لاشتباك عنيف حدث بالقرب منه , فما كان منها الا ان قطعت بعثتها وعادت لأخيها ......



.




ذات يوم ولدت فكرة .. تبنتها جمعية .. قالت الفكرة لازال البشر في تدني وسفول وما كان من دعوة اصلاح فعلو الا واعقبها انحطاط اشد مما كان .. شاعت الفكرة .. استحسنها الناس .. دعوا للابادة العمياء ....

ذات يوم ولدت فكرة .. تبنتها جمعية .. قالت الفكرة .. ينتهي الفقر بموازنة البشر ومواردهم .. شاعت الفكرة .. استحسنها الناس فكانت شعارات لا مذيد من البشر .. لا مزيد لاغنياء يحرمونا .. لا مزيد لفقراء يزاحمونا .....

ذات يوم ولدت فكرة.. تبنتها جمعية .. قالت الفكرة .. صراع كل تباين هو طريق الجنس الاسمى .. شاعت الفكرة .. استحسنها الناس فكانت شعارات الموت لكل من ليس نحن ...

ذات يوم ولدت فكرة .. تبنتها جمعية .. قالت الفكرة كان البشر هابيل وقابيل رضى ونهم كد وكسل ثم اختلط البشر فكانت الاختلافات فالمنازاعات فالحروب .. شاعت الفكرة .. استحسنها الناس .. دعوا للتمايز , فكانت حرب الشرق والغرب ...






.




فتحت عينيها على ضوء الغرفة وقد اصفر لونه وصوت الهزيز يدوي في أذنيها , كانت معتادة على تبدل الضوء الأبيض بين فترة وأخرى إلا أن الصوت كان اعلى مما اعتادته .. نهضت وفتحت النافذة .. نظرت للممر الخالي من القطط ولاحظت بخارا يغطي الافق .. لمعت الأرضية البيضاء للممر كأنما ابتلت بالماء .... تتذكر صدى قطرات المطر على ارضية الممر وقد انهارت باكية يوم عادت لبلدها , وكانت قد اختارت العودة الى بيتهم القديم ولم تتمالك نفسها لحظة ان دخلته .. بكت والديها واشتد نحيبها وهي تسترجع حزنهما وعزلتهما بعد موت اختها .. ندمت ان سافرت وتركتهما .. اختارت الهرب من جو الكآبة الذي لازم البيت وابتعدت وهي تعلم كم كانا بحاجة اليها , وفي الليل اخذت تصلي وتستغفر لأمها وقد رأت من سخطها بعد موت ابنتها أنْ كانت تضيع الصلاة وتبدي عدم رضاها ....
مرت الأيام من بعد عودتها شديدة القسوة فالفوضى كانت قد عمت البلد بكامله ولم يبقى من شكل الدولة غير العاصمة وبعض القرى الصغيرة المحيطة بها , واضطرت اثير لبيع كل مالديها من حلي فقد كان ما يتقاضاه سعد من عمله بالجيش لا يكفي حاجتهما اذ نقصت السلع وغلت الاسعار وكان يخشى عليها ويأبى ان تخرج بحثا عن عمل .....

وعاد خالد من جولته حائرا تملؤه الهموم فخلال سنوات قليلة عاصر عالمًا مستقرًا لا تحركه فتنة او تزعزعه ثورة حتى اهتز وانهار في وحل من الصراعات ولم تعد من تجارة رائجة غير الحرب فانتشرت مصانع الفتن وراجت كل فكرة دفعت الى التنافر وشاعت كل دعوة حثت على الخلاف وقد كان الظن قبلها ان العالم قد وصل لمرحلة من النضج بحيث تبقى صراعاته محصورة حيث اشتعلت حتى تخمد , فكانت الدول في سعيها للاستقرار بمكانتها لا تندفع الى صراع الا بفضل فضل قوتها صونا لما تختزنه من عدة تحفظ موقعها بين غيرها وقد وعت من التاريخ ما يمنعها من الاستهتار بخطر مهما بدا ضعفه وتحالفت لاخماد كل حرب من شأنها قلب الموازين , ثم حدث ان اشتعلت بمناطق متفرقة من العالم عدة حركات تمرد وان كان تزامنها مريبا رغم ان لا ترابط يجمعها فالاعجب كانت سيطرتها على اجزاء كبيرة من دولها خلال ايام قصيرة وما اثار القلق وقتها كان الدقة التي نفذت بها تمردها فمن اختيار التوقيت الى نوعية الأسلحة التي استعملوها وعددها ومن بعد هبة العالم لردع تلك الحركات خرجت تقارير ذكرت انها على غير العادة لم تكن هجمات حماسية تعتمد على مجرد الاندفاع انما هجمات ضمنت نجاحها بأسلحة رادعة حسمت تحركها من البداية ولم تكن من معلومات عن مصادر تمويلهم او الطريقة التي خرجت بها تلك الاسلحة ووصلت إليهم ورغم حالة التأهب التي خيمت على العالم اخذت الاضطرابات تنتشر في كل مكان وعجزت تحالفات الدول عن ردعها جميعا وانشغلت بتأمين طرق التجارة وكل منطقة غنية بالموارد , وما كانت تنتهي حرب في منطقة مهمة من العالم الا واعقبها عشرات الحروب بمناطق أخرى نائية , واشتعلت الصراعات في كل بلد حوى بداخله اختلافا في الاعراق او تناقضا في الثروات او تباينا في المعتقدات وتعقدت الامور حتى اخذت بعض الدول بزج نفسها في صراعات خارجية هربا من فتنها الداخلية فانتشرت الحروب بين حدود الدول فدولة تطمع بضم منطقة تدعي ملكيتها واخرى تبتغي حمايتها وكلاهما يرجو حربًا بلا نهاية تضمن له استقرارا مرا داخل اراضيه .....







وكان خالد يمضي غالب وقته بالقرب من البحر يقلب الأمور وقد رأى من جولته علامات بعث اتحادات الشرق والغرب الغابرة وكيف انتشرت قناعة لدى بلدان الشرق والغرب عن الحرب التي ستنهي كل الصراعات والعرق الأسمى الذي سيرث البشرية من بعد فناء غيره بل تمادت بعض الافكار ورأت دفع كل اختلاف حتى بين العرق الواحد الى صراع ينتهي بأنقى بداية للبشرية الجديدة .... فكر بالانهيار الوشيك لبلاده وكيف ان موقعها المتوسط من العالم وهيمنتها الماضية على اغلب اراضي الشرق والغرب هي ما ادى الى السلام الذي اصبح يوصف بالجمود الذي منع البشرية من حسم صراعها الابدي بين الشرق والغرب .... هبت نسمة باردة من البحر وسقطت العصا من يده .. تدحرجت قليلا حتى استقرت على الرمال واستقر رأيه وقر عزمه على أمر ما وقد علم يقينًا ان حربا طويلة بين الشرق والغرب لن تُبقي الا شر الناس أما اصحاب الشجاعة والايثار فأول من تحصده الحروب وبالمثل فلا طالت حرب بين فئتين الا وكان النصر حليف شرهما اذ طالما كان الزمن معينًا لأهل الغدر والخداع ......



.



كان صوت الهزيز قد استمر لأيام وصعُبَ عليها النوم , نهضت اثير من الفراش فشعرت بضعف في ساقيها .. جلست لتحاول النهوض مجددا ولم تقوَ .. جسدها واهن وتتنفس بصعوبة .. زحفت للحائط واستمرت تطرقه بقبضتها تتمنى لو يخرج طعامًا على غير موعده بلا جدوى .. استندت للفراش وغفت قليلا .. وقفت وقدماها ترتجفان .. دنت من النافذة لتفتحها ولسبب ما لم تقدر وقبل أن تتساءل عن السبب شهقت وهي تنظر للسور المقابل للنافذة وقد تهدم ... بدا كبيضة تهشمت ومن خلفه رأت جبالا بيضاء تملئ الافق من خلفها كتل عملاقة شقت عنان السماء ومن خلفها ما بدا لها كأوتداد سوداء تمتد بلا نهاية ....











في تلك اللحظة كانت على ركبتيها تبكي وتنتحب بينما تسترجع اخر ما بقي لها من ذكريات ..... عودة خالد .. انضمامه للجيش .. حروبه المتهورة وعلو نجمه .. سيطرته على البلاد وزج الجيش في الحرب شرقا وغربا .. انهيار الجيش ومقتل اخوته .. انسحابه للحدود الساحلية في الشمال .. الحرب العالمية بين الشرق والغرب وظهور القارة المتجمدة .. احياء الجيش وقراره بالسيطرة على كل السواحل المحيطة بالقارة الجديدة .. استكشاف القارة التي لم تكن الا جبالا جليدية .. زواجها منه .. قراره غزو العالم .. هوسه بجمع خيار الناس وحكمائهم على القارة المتجمدة بعيدا عن الحرب .. التأسيس لمشروع سري تحت عنوان اخر البشر او ما اطلق عليه .. الأُخَّرون ....














تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عندما انتهى العالم ...​

  في ليلة كئيبة التقى رجل غير عادي بعجوز عادية ... قيل  قد همس لها بثلاث كلمات وقيل بل خمسة ... للحظات مر ببيتها على اطراف قريتها النائية قبل ان يتلاشى كأن لم يكن .. قيل ان ما همس به قد غير العالم وقيل بل دمره ... لا افهم ..  قالتها بيأس وهي تستعد لتدوين تقريرها الاخير عن الحالة , كانت مختصة في الاضطرابات النفسية للاطفال ومع خبرتها الطويلة تمر بأولى لحظات عجزها كطبيبة فحين عرضوا عليها مسألة الطفلة ريم ظنتها في البداية مجرد حالة عادية لرهاب الاطفال لكن الطفلة وكما بدا لها وبمخيلة جامحة تصنع لنفسها الخوف .. تبتكره بإبداع عجيب ليتناسب مع كل لحظات يومها , لم يكن خوفها كبقية الاطفال من الظلام او الحشرات او الحيوانات الاليفة كان ببساطة من كل الاشياء حولها جمادات او مخلوقات كلها كانت بنظرها قابلة للتحول الى الشيء الذي تسميه دب كبير ليأكلها حتى ابوها كان المتحول الافتراضي الاشد ارعابا لها فبنظرها كانت قدرته على التحول الى الدب اسرع حتى من دولاب غرفتها الذي كانت تخشاه بجنون الى ان ابعدوه عن حجرتها ..... امسكت الطبيبة بقلم وبكلمات بسيطة ختمت تقريرها :  والخلاصة ان ريم تعتبر كل ماعدا امها دب متخف

Serial Experiments Lain PS1 || ترجمة اللعبة ||

  الترجمة مكتملة  https://www.true-gaming.net/boards/index.php?threads/serial-experiments-lain-ps1-ترجمة-اللعبة.50966/